المخدرات فى مصر
العلاج في مصحات علاج الادمان أفضل من السجن مع المجرمين
لغة الأرقام خطيرة.. تكشف حقائق مخيفة.. تقول الأرقام إن المصريين ينفقون 18 مليار جنيه علي تعاطي المخدرات سنوياً.. وأن في مصر سبعة ملايين شخص يتعاطون المخدرات طبقاً للأرقام التي أعلنها تقرير للجنة الصحة بمجلس الشعب.. وفي تقرير للمجلس الوطني لمكافحة ادمان المخدرات فإن نسبة المدمنين من المصريين تصل إلي أكثر من 9%.. بل إن الأرقام تقول ما هو أخطر.. حيث أشارت إلي انخفاض السن بالنسبة للمتعاطي فبعد أن كان 24 سنة أصبح 10 سنوات فقط وأن 12% من الطلاب يتعاطون مخدر الحشيش.. وأن انتشار المخدرات أصبح أكثر وضوحاً في الأحياء الراقية.. وأن الفتيات اللاتي يتعاطين المخدرات ارتفعت نسبتهن بشكل خطير ومرعب حيث يمثلن مع الشباب 20% من الطلاب.. وهي نسبة خطيرة خاصة إذا اقتربت برؤية المجلس الوطني لمكافحة وعلاج الادمان والتي يشير فيها إلا أن نسبة المتعاطين في ازدياد.. ومع تزايد مشكلة البطالة وغيرها من المشكلات الاجتماعية فإنه لا تلوح في الأفق فرصة تضاؤل هذه النسبة.
دراسة لقانون المخدرات كشفت عن أنه لا يفرق بين المتعاطي وتاجر المخدرات فالكل يوضع في السجون ويختلط الحابل بالنابل. فبدلاً من وضع فلذات أكبادنا والذين وقعوا ضحية رفقاء السوء مثلاً في مصحات نفسية لعلاجهم وتأهيلهم فإنهم يوضعون في نفس السجون مع تجار المخدرات ويخرجون من السجون أكثر تعاطياً بل قد ينخرطون في سكة التجارة نفسها لجلب الأموال التي قد تساعدهم علي التعاطي.
هذا ما أكدته دراسات قانونية وحذرت في أن قانون المخدرات عتيق وقديم وله عيوب كثيرة ومنها التشدد المبالغ فيه في العقوبات. أيضا الجداول المرفقة به كثيرة جداً وسلطة الحذف والإضافة لوزير الصحة فقط.
ويسرد لنا ناجي سامي المحامي بالنقض نبذة عن هذه القوانين الموضوعة لمكافحة المخدرات فهي برقم 182 لسنة 1960 وعدل في سنة 1989 برقم 122 حيث شدد عقوبة الاتجار في المخدرات إلي الإعدام والأشغال الشاقة المؤبدة.
المادة 37 لصالح المتعاطي
ويؤكد بأن المادة 37 من القانون الأول لسنة 1960 كانت لصالح المتعاطين حيث تنص علي وضع المتعاطي في مصحة نفسية علاجية بدلاً من وضعه في السجن مدة لا تقل عن 6 أشهر ولا تزيد علي سنتين وفي حالة العودة يحبس في السجن العادي ومع ذلك حذفت هذه المادة في القانون المعدل.. ولكن أنشيء صندوق باسم مكافحة وعلاج الإدمان وهو تابع لرئاسة الجمهورية في الفقرة 37 لقانون 1989. وأهم تعديلات هذه المادة أنه أوصي بإنشاء سجون خاصة للمتعاطين ولكن هذه المادة لم تفعل لعدم وجود الإمكانيات المادية. ولذلك نطالب بإنشاء هذه المصحات بدلاً من وضعهم في السجون واختلاطهم بتجار المخدرات وجرهم إلي المجهول. ولذلك لابد من تشريع جديد يتعاطف مع هؤلاء الأبناء ووضعهم في مستشفيات ومصحات لعلاجهم وأن يتكاتف المجتمع والدولة والأسر في دفع تكاليف العلاج لأنه يكلف كثيراً.
القيد والوصف
وأشار المستشار محمد مرشدي بركات رئيس محكمة الاستئناف إلي أننا في الماضي كنا نفرق في القيد والوصف بين حالات ثلاث وهي أحرز أو حاز بقصد التعاطي أو أحرز أو حاز بقصد الاتجار وهذه عقوبتها الإعدام أو الأشغال المؤبدة أو المؤقتة حسب وجدان المحكمة فلها الحق أن تنزل بالعقوبة طبقاً للمادة 17 من قانون الإجراءات الجنائية ولذلك تري أن القانون قد خلا من تحديد العقوبة طبقاً لهذه الأوصاف الثلاث ولذلك يجب أن يحدد المشرع العقوبة اللازمة للتطبيق في كل حالة علي حدة. فالقاضي يكيف الجريمة ومرتكبيها علي حسب الحالة التي ظهرت أمامها لأنه جرت العادة في محاضر الشرطة الخاصة بإحراز أو حيازة المخدرات في الغالب الأعم علي أن محرر المحضر دائماً يذكر أمام الجريمة وصف الاتجار.. وتحديد الكمية المضبوطة وهل هي بقصد الإتجار أم التعاطي ولذلك تكون العقوبة طبقاً للكمية المضبوطة.. ويؤكد المستشار محمد مرشدي بركات أن الأحكام لابد أن تكون علي حسب هذه الكمية فلو كانت ضئيلة فهي للتعاطي ولذلك أعتبر هذه الحالات مرضية وأطالب المشرع بإيجاد وسيلة جديدة لعلاجها وذلك بوصفها في مشافي علاجية وتأهيلهم بدلاً من وضعهم في السجون. ومن ثم يجب أن يعدل القانون ويراعي فيه الحالات النفسية التي تدفع لمرتكب الجريمة إلي اقتراف هذا الجرم خاصة فيما يتعلق بالتعاطي.. أما الاتجار فالمشرع قد أعطي هذه الحالات العقوبة الصارمة حتي يكون هذا المتهم عبرة لمن يعتبر وتحمي المجتمع من هؤلاء الفاسدين والذين يلحقون بأولادنا أشد الضرر.
ايذاء النفس
ويؤكد المستشار جميل قلدس بشاي رئيس محكمة الاستئناف ورئيس لجنة تقصي المنازعات بأن المتعاطي غالباً ما يؤذي نفسه ولا يؤذي الآخرين ولذلك يحكم عليه قضائياً بسنة قد تكون مع إيقاف التنفيذ أو سنة مع الشغل والنفاذ.
ويفرق بين المتعاطي وتاجر المخدرات والذي قد تصل عقوبته إلي الإعدام.
إجراءات الضبط
ويؤكد المستشار جميل قلدس أن الفصل في كل هذه الإجراءات هي إجراءات الضبط والتي تقوم بها الشرطة لماذا؟ لأن أي خلل في الإجراءات يؤدي إلي البراءة ويضرب مثلاً لذلك بإذن التفتيش. فلو كان هناك خطأ مثلاً في التوقيت واستطاع محامي المتهم اثبات ذلك يحصل علي البراءة فوراً. ولذلك يجب أن يقوم بإجراءات الضبط ضباط أكفاء وغالباً يكونون قد تمرسوا علي هذا العمل.
حريات الناس
ويؤكد بأن القانون المصري شأنه شأن القانون الفرنسي يحافظ علي حريات الناس وأعراضهم وكرامتهم ويأخذ بمبدأ الشك ويفسر لصالح المتهم ومن ثم قد يعتقد البعض أن تأجيل الدعاوي الجنائية في الجنايات تتسم بالبطء في حين أن الحقيقة غير ذلك لأن القاضي الجنائي لابد أن يتأكد من حقيقة الواقعة ويطمئن وجدانه إلي أن هذا المتهم هو الفاعل الحقيقي للواقعة المقدم عنها ولذلك أطالب بتغيير قانون مكافحة المخدرات وتعديل المواد الخاصة بالتعاطي لعلاجهم بدلاً من وضعهم في سجون مع كبار التجار لأن نظام السجون في العالم كله قد تبدل فالسجن مدرسة وهو للإصلاح والتهذيب وليس للعلاج.
علاج المدمن
ويري المستشار قلدس أن جريمة التعاطي لا تعتبر جريمة في حق المجتمع بل في حق هذا الشخص المتعاطي نفسه أولا فإذا وضع في مصحة علاجية مع مراقبته وتأهيله للانخراط مع المجتمع ممكن إصلاح 7 مليون شخص من أولادنا وفلذات أكبادنا بدلاً من رميهم في السجون مع عتاة الإجرام.
وينوه المستشار جميل قلدس بأن عدداً كبيراً من الطلبة يتعاطون المخدرات ولا يمكن أبداً أن نحطمهم أو نقسو عليهم بل لابد من تشريع جديد ينص علي وضع المتعاطي في مصحة لمدة معينة لعلاجه وتأهيله وذلك للإندماج في المجتمع بدون أن يتعاطي أي مخدر بعد ذلك وبذلك تحارب هذه التجارة التي تزايدت بشكل مخيف في الآونة الأخيرة وتقضي علي طاقات الشباب وتحطم الأسر نفسياً.
اترك تعليقاً