علاج الإدمان من المخدرات في بداية الاهتمام بـ علاج المخدرات وتعاطيها وادمانها كان ينظر اليها كما ينظر الى الجراثيم والميكروبات . التي تهاجم الناس وتصيبهم بالمرض فبدا الامر وكان المتعاطي انسان لا ارادة له . استدرجه تاجر المخدرات واعوانه حتى جعلوه يدمنها فلما انفق كل ما يملكه عليها تحول الى مروج لها يغرر بالناس كما غرر به.
وهذا ليس صحيحا الا في حالات قليلة للغاية . اما في الغالبية العظمى من الحالات فان تعاطي المخدرات وما تبعه من ادمان كان عملا واعيا . اقدم عليه لا ينتقص الإنسان عن علم وحرية وعن طيب خاطر من تأثره بالعوامل النفسية أو الاجتماعية.
أيضا نتيجة لهذه النظرة الضيقة للمخدرات . وجهت الحكومات والمؤسسات من جميع الأنواع انتباهها إلى الأشخاص الذين يجلبونها
المخدرات والذين يتجرون فيها فشددت عقوباتهم المرة تلو المرة، لعل ذلك يثنيهم عن جلبها والاتجار فيها.
ولم تفتقد المتعاطي والمدمن . كما أن العقوبة المنصوص عليها في القانون هي أن يوقظوا ولا يتركوا هؤلاء ومن يخدعونهم .
وهكذا فات الحكومات ان تدرك ان تشديد العقوبات . سواء بالنسبة للجالبين والمهربين والتجار . او بالنسبة للمتعاطين والمدمنين لا يكفى بذاته لمنع الفريق الأول من جلب المخدرات والاتجار فيها ولا الفريق الثاني عن تعاطيها وادمانها.
وبالنسبة للفريق الأول فقد سبق ان أجريت دراسة إحصائية وتحليلية لجرائم شراء المخدرات والاتجار فيها . قبل تشديد العقوبات وبعد تشديدها تبين منها انه عقب التشديد مباشرة حدث انخفاض شديد فيها بلغ 50% . استمر ستة اشهر فقط ثم عاد الى الارتفاع شيئا فشيئا حتى بلغ 100%.
بعد عام واحد ثم بلغ 200% بعد عامين وهكذا حتى اصبح كالمتوالية الحسابية، الامر الذى دل على ان تشديد العقوبات لا يكفي وحده لمنع الجلب والاتجار فيها او حتى للحد منهما وانما يجب، فضلا عن ذلك، منع الطلب على المخدرات او خفضه الى ادنى حد ممكن.
المهربون والتجار
ذلك انه طالما وجد المهربون والتجار ان المخدرات أعد إليهم أرباحًا ضخمة لا يمكن أن تحققها أي تجارة أخرى فانهم لن ينصرفوا عنها مهما كانت المخاطر التي تكتنفها والتي يظنون دائما انهم قادرون على تجنبها والتغلب عليها.
من ذلك ان سعر الكيلوغرام من الافيون في البلاد المنتجة لا يزيد على عشرة دولارات بينما هو في البلاد المستهلكة عشرة الاف دولار. وفى صناعة الكوكايين يعود توظيف مائة دولار على صاحبها بفوائد تقدر بحوالي مائة الف دولار!.
وهنا يأتي دور الطرف الثاني ، المتعاطين والمدمنين ، فهم من يشترون المخدرات بالأسعار التي يحددها التجار ومن قبلهم ، والمهربون والمهربون ، الذين يحققون أرباحًا ضخمة تشجعهم على الاستمرار في هذه التجارة.
وهو ما رات الحكومات ان تشديد العقوبة من شانه ان يجعلهم يفيقون فينصرفون عنها ويكفون عن شرائها ونسيت ان هذا ان صح .
بالنسبة لمن يتعاطون المخدرات التي لا تحدث ادمانا فانه لا يصح بالنسبة للمخدرات التي يؤدي تعاطيها للإدمان ، الذين لن يخافوا من العقوبة مهما بلغت شدتها ، لأن حالة الإدمان تجعلهم يستهينون بكل شيء.
علاج الإدمان من المخدرات
وبالتالي فان الطلب سيبقى وسيقوم التجار بتلبيته مهما كانت المخاطر التي يعرضونها برفع الاسعار وهم على ثقة من ان المدمنين لن يستطيعوا التوقف عن الشراء وانما سيبذلون اقصى ما في وسعهم من الجهد للحصول على المال اللازم للشراء.
اما اذا افترضنا عجز التجار عن توفير “الصنف” فان ذلك لن يجعل المدمن يتوقف بل سيعمل من جانبه للحصول على البديل الذى قد يكون اشد ضررا من النوع الذى ادمنه.
ونتيجة للاعتماد على العقوبات الشديدة في مواجهة المخدرات أصبحت المسؤولية عن مكافحتها ملقاة على عاتق الشرطة والقضاء والسجون.
فالشرطة تلاحق وتقبض على الجالبين والمهربين والتجار والمتعاطين والمدمنين لتقدمهم للقضاء الذي يوقع عليهم العقوبات المنصوص عليها في القانون اذا ادينوا فيودعون بالسجون ليقضوا بها عقوباتهم.
ولعل عدم ظهور اراء مبتكرة ومواقف غير تقليدية من مشكلة المخدرات يرجع الى هذا الوضع غير العملي الناشئ عن اعتقاد المشرع ان الامر لا يحتاج الى اكثر من الجهود الشرطية المستمرة والاحكام القضائية السريعة والقاسية.
وبالتالي لم يكن غريبا ان تكلل جهودهم بالفشل الذى كشفت عنه الزيادة المستمرة في جرائم المخدرات من كافة أنواعها وزيادة أكبر في الكميات التي يتم التحكم فيها والتي تراها الأمم المتحدة انها تساوى 10% من الكمية الاجمالية التي يجري تهريبها الى داخل الدولة.
ولا ننكر انه كانت هناك جهود بذلت على هامش المكافحة الشرطية- القضائية مثل الوعظ من جانب بعض رجال الدين في المساجد وغيرها من أماكن الصلاة والنصائح والإرشاد من قبل بعض الأطباء والباحثين في مجال المخدرات في الإذاعة والتلفزيون.
فضلا عن المؤتمرات والندوات وورش العمل.
كما نلاحظ أن كل هذه الأنشطة موجهة إلى الجميع من مدمنين وغير مدمنين ، وكذلك عيبها السطحي الشديد الناشئ من حقيقة أن الذين قاموا بها كانوا ولا يزالون واثقين من أن شيئًا خطيرًا لن يتحقق. التظاهر بأداء واجب ، لا أكثر.
علاج الإدمان من المخدرات
بداية الاهتمام بالعلاج رغم أن تعاطي المخدرات من المشاكل القديمة في عالمنا العربي ، إلا أن التفكير في علاج الإدمان لم يظهر معنا إلا بعد أن قرر المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للأمم المتحدة عام 1958 الدعوة لعقد مؤتمر لإقرار اتفاقية واحدة بشأن المخدرات.
من أجل استبدالها بالمعاهدات المتعددة الأطراف التي كانت سارية في ذلك الوقت. وشارك فيها سبع دول عربية: الأردن ، تونس ، مصر ، سوريا ، العراق ، لبنان والمغرب. ثماني دول إسلامية هي أفغانستان وألبانيا وإندونيسيا وإيران وباكستان والسنغال وتركيا ونيجيريا.
أي أن خمسة عشر دولة عربية وإسلامية من إجمالي 73 دولة حضرت المؤتمر الذي أصدر عدة قرارات منها القرار الثاني الخاص بعلاج الإدمان ونصه:
“ان المؤتمر اذ يشير الى احكام المادة 38 من الاتفاقية المتعلقة بمعالجة مدمني المخدرات وتاهيلهم:
1- يعلن ان معالجة المدمنين في المستشفيات في جو خال من المخدرات هو من انجع وسائل المعالجة.
2- حث الدول الأطراف التي تشكلها ادمان المخدرات مشكلة خطيرة على توفير هذه المرافق، فيما لو سمحت مواردها الاقتصادية بذلك”.
أسباب إدمان المخدرات
يحدث الإدمان نتيجة التفاعل بين ثلاثة عوامل رئيسية وهي المخدرات والناس والمجتمع وهي كالآتي:
أولاً: بالنسبة للمخدر فهو العامل الأول في موضوع الإدمان ، ويخضع استخدامه لعدة عوامل منها:
1- توفر المخدر وسهولة الحصول عليه مما يجعل سعره في متناول الكثيرين، فتتسع بالتالي الفرصة للتعاطي والادمان.
2- طريقة الإعطاء كالتعاطي عن طريق الفم أو الرائحة لأنها تسهل الإدمان عليها ، بينما استعمالها بالحقن يقلل فرص الإدمان ، بالإضافة إلى أوقات التعاطي.
الإدمان المستمر واليومي يزيد من فرص الإدمان على عكس الاستخدام المؤقت الذي يحدث في مناسبات مثل الأعياد والزواج وغيرها ، فهو يقلل من فرص الإدمان.
3- رأي المجتمع في المواد المخدرة ، كان ينظر إليها ببعض التسامح لسبب غير صحيح ، مثل افتراض أن الإسلام حرم الكحول ولم يحرم المخدرات لعدم ذكرها في القرآن أو في السنة ، وهو اعتقاد خاطئ.
ثانيا: الانسان الذى يتكون من جسم ونفس يتفاعلان باستمرار لدرجة انه يصعب الفصل بينهما ولذلك تتداخل العوامل التي تؤثر في النفس مع العوامل التي تؤثر في الجسم وهي التي سنتناولها في ما يلي باختصار:
2- العوامل الجسمية تنحصر في:
الوراثة ، والعوامل المكتسبة ، والأخطاء السريرية ، وأخيراً الأسباب البيولوجية للاعتماد ، والتي تسمى الناقلات العصبية.
2- العوامل النفسية التي تلعب دورا في التعاطي والادمان هي:
ا- تخفيض التوتر والقلق.
ب- تحقيق الاستقلالية والاحساس بالذات.
ج- الشعور بموقف اجتماعي متميز، والوصول الى حياة مفهومة.
د- الشعور بالقوة والفحولة.
هـ اشباع حب الاستطلاع.
و- الشعور بالانتماء الى جماعة غير جماعته.
ز- الوصول الى الشعور بتقبل الجماعة.
ح- التغلب على الشعور بالدونية.
ط- التغلب على الأفكار التي تسبب له الضيق.
ي- الخروج على القوالب التقليدية للحياة (المغامرة).
ك- حب الاستطلاع وملئ الفراغ.
وهناك من يضيفون دوافع آخر الى ما تقدم منها على سبيل المثال:
الرغبة في التجربة – الهروب من المشاكل – الرغبة في زيادة المتعة – الرغبة في زيادة القدرة الجنسية – الصراع بين التطلعات والطموحات والقدرات المتاحة – الفشل في حل الصراع بالوسائل المشروعة – الشعور بالاغتراب والقمع الاجتماعي – الرغبة في الاستقرار النفسي.
1- العلاقات الاسرية.
2- تعاطي الابوين او احدهما للمخدرات.
3- تأثير مجموعات الأصدقاء.
4- السلوك المنحرف للشخص.
5ـ- درجة التدين.
6- وجود المخدر.
7- التدخين وشرب الكحول.
8- وسائل الاتصال الجماهيري.
9- الثقافة السائدة.
10- المستوى الاجتماعي الاقتصادي.
علاج الإدمان من المخدرات
إنه متعدد الأوجه لدرجة أنه جسدي ونفسي واجتماعي لا يمكن للشخص التخلص من الإدمان . إذا اقتصر على
معالجة الجسد بلا روح أو روح بلا جسد ، أو تجاهل دور المجتمع في العلاج.
يبدأ العلاج في اللحظة التي يقرر فيها الشخص التوقف عن تعاطي المخدرات.
علاج الإدمان من المخدرات من المهم جدًا أنه هو من اتخذ قرار التوقف ولم يتم فرضه عليه . وإلا فلن يعود قريبًا إلى الإساءة عند أول فرصة.
وهنا يطرح سؤال حول قرار القاضي بإيداع الشخص الذي جاء إلى المحكمة وثبت أنه مدمن لشخص ما.
المستشفيات من أجل العلاج لفترة زمنية معينة . ويبدو واضحاً أنه لم يكن من أخذها وإرادته . بل فرضها عليه من قبل المحكمة . ومن المرجح أنه لن يستجيب للعلاج ولا يلبث ان يعود الى التعاطي؟
رغبة المدمن في العلاج من الإدمان
بعد أن يلامس الطبيب رغبة المدمن في العلاج من الإدمان ومتابعته لها . يبدأ بالبحث عما إذا كان قد تلقى علاجًا سابقًا أم لا ، لاحتمال أن يكون للعلاج الذي تلقاه أثر ، لكنه لا يظهر إلا متأخرًا .
أيضا يجب أن يؤخذ ذلك في الاعتبار . خاصة بعد أن أصبح واضحًا أن برامج العلاج الأطول والأفضل تنظيماً كانت لها نتائج غير متوقعة.
من المهم أيضًا معرفة شكل العلاقة بين المدمن وبيئته الاجتماعية . حيث يرتبط ذلك بالنتيجة التي سيتم الوصول إليها.
العلاج من حيث النجاح أو الفشل . من المتوقع أن يتحسن الأشخاص الذين يتلقون الدعم الاجتماعي أو الأسري أكثر من أولئك الذين لا يتلقون مثل هذا الدعم.
باختصار . المشكلة التي تقف في طريق تقييم العلاج هي تحديد ما يحاول هذا العلاج تحقيقه ولأي نوع من الأفراد.
علاج الإدمان من المخدرات بغض النظر عن طرق علاج الإدمان ، فإن تعاون المدمن مع من يعالجونه من أجل التعافي من الإدمان يلعب دورًا مهمًا للغاية في حدوث ذلك.
لذلك يجب ان يحاط المدمن علما . منذ البداية، بالاحتمالات المختلفة سواء منها المصاحبة للعلاج او التالية له حتى اذا لم يتحقق النجاح المنشود لم يصب بخيبة امل كبيرة او يفقد ثقته في المعالج.
علاج الإدمان من المخدرات
كما يجب ان يكون واعيا بدوره في نجاح العلاج وفشله . وان النجاح ليس فوريا او سريعا بالضرورة بل هو يحتاج لبلوغه الى قدر كبير من الصبر والتحمل.
لذلك علاج الإدمان من المخدرات طبعا لن نخوض في تفاصيل العلاج لسببين . الأول لأنه يختلف من شخص لآخر والثاني لأنه يتضمن جهودا طبية ونفسية واجتماعية كثيرة . من بينها درجة عالية من التشابك من أجل تحقيق النتائج المرجوة من معرفة وخبرة وإيمان المختصين . بالإضافة إلى تعاونهم مع المدمن ومع أسرته وكل من يهتم لأمره وتعاون من معهم.
مصحات علاج ادمان
وأيضا يبقى الحديث عن عيادات علاج الإدمان التي نصت قوانين المخدرات على إنشائها للإيداع
المدمنون لديهم الوقت اللازم للتعافي من الإدمان الذي بدونه يستحيل مواجهة هذه المشكلة.
علاج الإدمان من المخدرات وقد تبين عدم وجود بيانات عما يوجد من مصحات على مستوى العالم العربي لا من حيث عددها او نظام العمل فيها ولا من حيث
طرق علاج الإدمان المستخدمة فيه أو عدد المتعاملين معه ونسبة من نجح العلاج معهم وذهبت جهودهم سدى للحصول على أي بيان منها سواء من الجامعة العربية أو من صندوق الإدمان.
أخيرًا ، وجهني تفكيري للعودة إلى البحث الذي أجراه علماء من الدول العربية ممن حضروا دورات.
أدوية تدريبية ينظمها المركز الوطني للبحوث الاجتماعية والجنائية منذ أكثر من ثلاثين عامًا.
إنه بحث متواضع للغاية ، لأن العلماء لم يسبق لهم إجراء بحث ، بالإضافة إلى قصر مدة الدورة ، مما لا يتيح لهم الوقت الكافي للرجوع إلى المراجع ومتابعة المصادر ، لذا فإن البحث ضعيف بشكل عام .
اترك تعليقاً