كيف نكتشف المدمن ؟
من الناحية القانونية يعتبر التحليل الطبي هو الفيصل في اكتشافِ المدمن وتوجيهِ التهمة إليه بتعاطي المخدرات .
فعن طريق البول أكرمكم الله يمكن اكتشاف المواد المخدرة التي سبق أن تعاطاها المدمن ، وعن طريق الدم يمكن اكتشاف المواد المسكرة الكحولية .
وهناك طرق أخرى لاكتشاف الكحول بالنفخ في جهاز صغير يحدد نسبة الكحول في الجسم عن طريق هواء الزفير .
وقبل سنوات نشرت الصحف فتحاً جديداً في هذا المجال ، وهذا الأمر يتمثل في اكتشاف تعاطي المخدرات عن طريق الشعر .
فإذا شك الأب أو الأم في سلوك الولد فما عليهما إلا أن يأخذا شعرة واحدة من شعرات الولد .. وبتحليل هذه الشعرة يمكن التأكد من تعاطي الولد للمخدرات .
وقد تطورت هذه الطريقة سريعاً حتى ذكر المختصون أنها أصبحت الآن أكثرَ الطرق دقة في كشف المدمن .
قبل فترة .. اطلعت على لقاء مع أحد الخبراء بمركز علاج الادمان في مصر ، وذكر هذا الخبير وغيره من الخبراء أن هذه الطريقة أثبتت نجاحها ، فالشعر ينمو بمعدل سنتيمتر واحد في الشهر تقريباً ، وكل سنتيمتر يحتفظ بالمواد التي تم استخدامها خلال هذا الشهر فإذا أخذنا شعرة طولها خمسة سنتيمترات فقط فإنها تعطينا تقريراً عن الخمسة أشهر الماضية ، فالسنتيمتر الأخير من جهة الجلد يمثل آخر ثلاثين يوم مضت ، والسنتيمتر الذي بعده يمثل الشهر الذي قبله ، وهكذا .
ولو علم بعض الشباب بهذا الاكتشاف ، لحلقوا شعورهم كلها خوفاً من الفضيحة .
فانظروا (سبحان الله) كيف يكون جسم الإنسان وشعره شاهداً على إجرامه وعصيانه .. وهذا يذكرنا بالموقف العظيم يوم القيامة .. يوم أن تشهد الجوارح على العصاة والمجرمين ، قال تعالى ( حتى إذا ما جاؤها شهد عليهم سمعهم وأبصارهم وجلودهم بما كانوا يعلمون )
هذا أيها الإخوة ما يتعلق بالتحاليل الطبية ، لكن هذه التحاليل قد لا تكون متيسرة في جميع الأحوال .
ثم إن التحليل متى يكون ؟
نعم ، يكون بعد الشك في سلوك الشخص وتعاطيه المخدرات ، وهنا تكمن المشكلة ، وهي غفلة كثير من الآباء والأمهات ، فلا يمكن أن يخطر ببال أحدهم أن ولده يتعاطى المخدرات ، ولا سيما أن المدمن المبتديء يحاول جاهداً إخفاءَ الآثار التي تثير الشكوك حوله ، فيكون الآباء والأمهات آخرَ من يعلم بإدمان ولدهم .
ولهذا نضع هذا اليوم بين يدي الآباء والأمهات ، والإخوان والأخوات ، وكل من يتعامل مع المدمن بعضَ الصفات والأعراض التي يسببها الإدمان ، لتكون مؤشـراً أولياً للتثبـت من أمـر هذا الشخص ، والتحقق من حاله .
وحتى نكون واقعيين نقول : هذه المؤشرات والعلامات ليست في الواقع أدلةً قطعية ، بل هي بمثابة أعراضٍ محتمِلةٍ لمرض الإدمان .
ونقول (محتمِلة) لأن هذه العلامات قد تظهر على بعض الأسوياء لأسباب مرضية أو ظروف أخرى .
لكن ، إذا اجتمع أكثر هذه العلامـات فإنه من المرجح أن يكون الشخص مدمناً للمخدرات .
إذن ، هذه الأعراض وإن كانت في دائرة الاحتمال ، لكنها تعطينا إشارة لدارسةِ حالة المدمن والتحققِ من سلوكه .
وقد اجتهدت في تقصي وجمع مجموعةٍ من الأعراض والعلامات التي نكتشف من خلالها المدمن ، وبعد استقراء هذه العلامات وتصنيفها قرنتها بمواقفَ وأحداثٍ واقعية من خلال تعاملي مع المدمنين ، والتقائي بهم خلال عدة سنوات .
فأقول مستعيناً بالله تعالى : هذه العلامات تنقسم إلى قسمين :-
1- علامات سلوكية ( أي يمكن ملاحظتها على سلوك المدمن وتصرفاته) .
2- وعلامات مظهرية ( أي يمكن ملاحظتها على مظهر المدمن كالجسم والوجه والمتعلَقات الشخصية كالملابس والسيارة وغيرها) .
1) العزلة والانطواء على النفس :
يميل المتعاطي إلى العزلة والوِحدة في البيت ، ويحرص على الجلوس في غرفته والابتعاد عن الجو العائلي ، وغالباً ما يغلق عليه غرفتَه ساعاتٍ طويلة .
لـمـاذا ؟
يفسر هذا السلوك بعدة أسباب :
منها : خوف المدمن من انكشاف أمره .
ومنها : رغبته في الاستغراق في النشوة الزائفة الناتجة عن تعاطي المخدر .
ومنها : أن تكون لديه الحرية في تكرار الجرعة عندما يريدها .
وبعض الآباء أو الأمهات يغترون بهذا الأمر . فتسمع الأم مثلاً تقول : ((ولدي أكثرُ وقتِه يقضيه في غرفته ، ولا يخرج منها إلا أحياناً)) وما علمت المسكينة أن وراء الباب ما وراءه .
يحدثني شاب عمره سبعة عشر عاماً موقوف في دار الملاحظة ، يقول : كنت أشرب الخمر يومياً في غرفتي ، قلت له : أنت تسكن لوحدك ؟ قال : لا ، لكني لي غرفة خاصة في السطح ، ونحن في بيتنا كل واحد حر في غرفته ، إذا أقفل الباب لا يجرؤ أحدٌ أن يدخل عليه .
يقول : كنت إذا نام أهلي آخر الليل ، أقفل الغرفة وأشرب الخمر حتى أصبح ، ثم أنام .
هذا مع كل أسف حال بعض بيوت المسلمين ، حريةٌ عمياء ، بلا ضوابط ، ولا رقابة ، ولا متابعة .
ويلاحظ أيضاً على بعض المدمنين الإكثارُ من دخول الحمام (أكرمكم الله) ، وقد يمكث المدمن فيه ساعات ، وهذا الأمر يرجع إلى اختلال وعيه ، واضطراب إحساسه وتقديره للزمن .
2) عدم الانتظام المدرسي أو الوظيفي :
فالطالب مثلاً يلاحظ عليه التأخر الكثير عن الحضور للمدرسة ، وأحياناً الغياب المستمر ، والموظف يلاحظ عليه كثرةُ التأخرِ عن الدوام ، والغياب ، وكثرةُ الاستئذان من العمل بحججٍ واهية و اختلاقٍ للأعذار .
3) انحدار المستوى المدرسي أو الأداء الوظيفي :
فالطالب يلاحظ عليه التخلفُ في تحصيله العلمي ، والإهمالُ الواضحُ في متابعة دروسه ، وكثرةُ مشاكله مع زملائه ومدرسيه ، و الموظف يلاحظ عليه الإهمالُ في أدائه الوظيفي ، والتقاعسُ عن الأعمال التي كان يقوم بها من قبل ، وكثرةُ مشاكله مع زملائه .
4) تلقي المدمن مكالماتٍ هاتفيةٍ مشبوهة ، واستخدامُه بعضَ الرموز والكلمات الغامضة أثناء المكالمة .
فتسمعه مثلاً يقول : الأغراض .. الرجال .. حق راسي .. وغيرها .
5) إهمال الفروض والواجبات الدينية :
}المدمن ضعيف الصلة بربه ، قليل الاهتمام بالعبادة والذكر ، كما قال تعالى إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة و البغضاء في الخمر والميسر و {يصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون
وخلال عملي السابق في مكافحة المخدرات وقفت على أحوال العشرات من الشباب ، سواءً المقبوضُ عليهم أو الذين هم تحت المراقبة ، وكان أكثرهم لا يحافظ على الصلاة .
أثناء مراقبتنا بعضَ البيوت المشبوهة أو تجمعاتِ الشباب ، يؤذَّن للصلاة ، ثم تقام الصلاة ، ويصلي الناس ، ووالله ما يخرج شاب واحد من جَلسة المخدرات ليصلي مع المسلمين .
وفي بحث ميداني أجريناه على ثلاثِمائة مدمن في السجن ومستشفى الأمل بالرياض تبين أن نسبة المحافظين على الصلاة بلغت ثمانية عشر بالمائة فقط . أما الكثرة الكاثرة والتي بلغت اثنين وثمانين بالمائة من المدمنين فهي مـا بين تارك للصلاة وبين من لا يصلي إلا أحياناً .
6) فقد الشهية :
يفقد معظم المدمنين الرغبة في تناول الطعام والشراب ، ولا يرغب في تناول الطعام مع الأسرة أو الاجتماع معها على المائدة , وكثيراً ما يتعلل بأنه تناول طعامه في الخارج مع الأصدقاء .
وهذه العلامة تظهر بوضوح على متعاطي المنبهات .
والقاعدة : أن كل منبه يضعف الشهية ، ولهذا يظن بعض الناس أن القات علاج لمرض السكر ، وهذا الأمر أثبتت البحوث الطبية أنه غير صحيح ، وإنما يفسر هذا الأمر بفقدان الشهية لدى متعاطي القات ، فتكون نسبة السكر قليلة بسبب قلة التغذية .
هذا بالنسبة لأكثر أنواع المخدرات .. ولكن في بعض المواد قد يكون العكس ، فمتعاطي الحشيش مثلاً تزداد شهيته للطعام وبخاصة الحلويات .
7) كثرة النوم :
يلاحظ على المدمن أنه ينام ساعات طويلة ومتواصلة , ويصعب استيقاظه أو إيقاظه , كما أن نومه غير منتظم , بسبب كثرة السهر , والإرهاق الجسدي الذي يصيبه من أثر التعاطي .
يحدثنا أحد الشباب الصغار الموقوفين في دار الملاحظة في الرياض يقول : كنت أواصل أسبوعاً كاملاً بسبب تعاطي الحبوب المنشطة ، وبعد هذه المدة ينهار جسم هذا المدمن فينام نوماً طويلاً .
8) العصبية وسرعة الانفعال :
فالمدمن سريع الانفعال والغضب بدون مبرر ، ولأتفه الأمور ، وذلك يرجع إلى تأثير المخدر في اختلال تصوره ، وعدم اتزان انفعالاته . ولهذا يحدث الكثير من الجرائم بسبب الإدمان .
9) تقلب المزاج :
فتارة يكون في حالة من السعادة مصحوبة بنوبات من الضحك ، وميل للسخرية و الاستهزاء ، وتارة أخرى يكون متوتراً قلقاً ، تبدو عليه الكآبة .
التقيت بشاب قبل سنوات ، ولاحظت عليه بعض الاضطراب في تصرفاته .. أحياناً يكون متوتراً ، وأحياناً تشعر أن فيه نشاطاً زائداً عن العادة . ثم قابلت رئيسه في العمل (وكان أحد الأصدقاء) ، وقلت له : انتبه لفلان لأني بصراحة أشك أنه يتعاطى الحبوب ، فرد علي بكل برود وقال : هل رأيته بعينك ؟ لماذا لا تقبض عليه متلبساً إذا استطعت ؟ . قلت : هذه نصيحة ، وأما القبض فله كلام آخر .
مضت الأيام .. وبعد أشهر ، قبض على هذا الشاب ، وبحوزته كمية من الحبوب المنبهة . وبعد أن وقفت على القضية قدر الله أن ألتقي برئيسه ، وقلت له : ألم أقل لك كذا وكذا ، فتأثر كثيراً بسبب هذا الموقف .
10) التأخر في العودة إلى المنزل :
من سمات المدمنين ، ولاسيما المراهقون التأخر في العودة إلى المنزل . لماذا ؟
السبب في هذا أن المدمن – ولاسيما المبتدئ – غالباً ما يتعاطى المخدرات مع رفقة السوء ، حيث يجتمع معهم خارج المنزل ليأخذ جرعته بعيداً عن أعين الأهل ، وهذا ما يجعله يتأخر كثيراً خارج المنزل ، كما أن بعض المدمنين يضطر إلى التأخر حتى تزول آثار المادة المخدرة ، لئلا يكتشف أمره .
11) الإلحاح في طلب المزيد من المال :
يلاحظ على المدمن كثرة طلبه لمبالغ كبيرة في أوقات متقاربة ، وقد يضطر بسبب حاجته إلى المال لكثرة الاستدانة ، ومنهم من يرهنُ بيته أو بعض ممتلكاته مقابل المبلغ الذي يستدينه ، ومنهم من يكتب على نفسه الشيكاتِ المؤجلة لتاجر المخدرات أو لمن يستدين منه .
وقد تشتد حاجة المدمن للمال فيلجأ إلى القوة ، وابتزازِ من حوله ، وإن كانوا أقرب الناس إليه .
يحدثني أحد مدمني الهيروين ، يقول : كنت إذا اشتدت الأزمة أرفع السكين..
عــلى مــن ؟ .. يقول : على والدي .
إما أن تعطيني ، وإلا .. فيضطر المسكين إلى إعطائي ما أريد .
وهذا الأمر ليس غريباً ، فشدة اشتياقِ المدمن للمادة تنسيه نفسه ، وأهله ، وكل معاني العطف والرحمة .
ووقفت على قصة مؤلمة لأحد المدمنين على لسان زوجته ، تقول الزوجة إن زوجها استولى على مهر ابنتها البالغ خمسين ألف ريال .
12) اختلاق الحيل والأكاذيب للحصول على المال :
وهذه صفة بارزة في المدمنين ، فالمخدرات تقتل الحياء في نفس المدمن ، فلا يتورع عن مخادعة الناس ، والاحتيال عليهم ، بالكلام المنمق ، والكذب الملفق .
وإليكم هذه الحادثة العجيبة .
قبل سنوات .. عندما كنت أعمل في جهاز مكافحة المخدرات بالمنطقة الشرقية ؛ تلقيت عدة بلاغات عن أحد مدمني الهروين .
تم إجراء البحث والتحري عن هذا المدمن ، وكنا نعد العدة للقبض عليه .
وبعد أيام .. عدت من العمل إلى منزلي .. وتناولت الغداء ثم صليت العصر .. وبعد الصلاة جلست مع أولادي ، وإذا بجرس الباب يقرع .. أقوم من المجلس .. وأفتح الباب .. ويا للعجب !!
أتدرون من الذي على الباب ؟
نعم .. إنه ذلك المدمن الذي نقوم بمراقبته .. سلّم علي .
ـ السلام عليكم .
ـ وعليكم السلام .
ـ لو سمحت كان لي قريب في هذا الشارع اسمه فلان فهل تعرف بيته ؟
قلت له : يا أخي ليس في هذا الحي أحد بهذا الاسم .
ثم تراجع وقال : آسف لإزعاجك ، لكني واقع في مشكلة .. وأنا والله مستحيي منك .. سيارتي تعطلت على الطريق السريع ، واستأجرت (سطحة) لنقلها إلى المدينة .. لكن صاحب السطحة رفض إنزال السيارة إلا بعد دفع الأجـرة .. فهل يمكن أن تسلفني ثلاثمائة ريال ، وأردها لك ؟
طبعاً اكتشفت اللغز ، واعتذرت منه .
وبعد انصرافه اتصلت فوراً على فرقة البحث والتحري .. وبعد المتابعة الدقيقة اتضح أن هذا المدمن تجول في الحي ، ثم اتجه إلى منزله بعد أن يأس من الحصول على المال .
وبعد أيام وضعنا كميناً للقبض على هذا الرجل .. وبتوفيق الله تعالى تم القبض عليه متلبساً بجرمه .
هذا نموذج من أحوال المدمنين كذب واحتيال .. وفساد وانحلال .
13) السرقة :
إذا أغلقت في وجه المدمن السبل المشروعة للحصول على المال ؛ فإنه غالباً ما يلجأ إلى سرقة ما وقعت عليه يده ، وقد يحتال على الناس بالحيل والألاعيب لابتزاز أموالهم .
وقد ثبت في كثير من القضايا أن الإدمان كان وراء كثير من قضايا السرقة .
ومن ذلك ما حدثني به أحد المدمنين ، يقول : كنت إذا نام الجيران في آخر الليل ، أتسلل إلى بيوتهم ، وأقوم بسرقة اسطوانات الغاز ، حتى أحصل على الجرعة .
وآخر يقول لي : كنت أسرق بعض مجوهرات أمي لأشتري الجرعة .
وآخر يسرق مهر أخته لينفقه على سمومه .
وهناك علامات مظهرية :
1) شحوب الوجه (أي تغير الوجه واصفراره كما يحدث عند المرض ، أو شدة الجوع)
2) ظهور الحكة غير الطبيعية في الجسم ، وخاصة منطقة الأنف بالنسبة لمتعاطي المساحيق المخدرة كالهيروين والكوكايين .
3) رعشة في الأطراف .
4) انخفاض سريع في الوزن .
5) ثقل اللسان أو عدم التركيز في الكلام .
6) كثرة التعرق ، ولاسيما مع عدم وجود سبب للعرق ، فتراه يتعرق مثلاً في الجو البارد .
7) احمرار العين و احتقانها بشكل دائم .
8) عدم القدرة على التركيز ، وترتيب الأفكار ، فيتحدث في موضوع ثم يقفز إلى آخر وهكذا ، وحتى الإنصات تلاحظ أنه لا يستطيع التركيز في الإنصات لكلامك .
9) عدم الاتزان في المشي .
10) عدم الاهتمام بملابسه وهندامه ونظافته .
قد تشاهد رجلاً قد أعفى شعره كله ، رأسَه ، ولحيتَه ، وشاربَه ، حتى إنك تظن أنه إنما أعفى هذه اللحية لاستقامته ، ولكن ، سرعان ما تكتشف أن الرجل من مدمني الهيروين أو غيره من المخدرات .
ومدمنو الهيروين بالذات من أشد الناس إهمالاً لمظهرهم ونظافتهم الشخصية .
11) تكرار اصطدامه بسيارته ، أو احتكاكها السطحي بالسيارات الأخرى من الجوانب ، نظراً لقلة التركيز ، واختـلال تقدير الزمن و المسافات بسـبب الهلوسة ، فبعض المواد المخدرة تجعل البعيد قريباً ، أوالقريب بعيداً ، وهذا من أسباب وقوع الحوادث .
12) اختفاء بعض النقود أو الأشياء القيمة من المنزل ، مع عدم وجود آثار عنف أو تعدي .
وهذا الأمر يشير إلى أن السرقة داخلية ، فيمكن أن تكون من قبل أحد المدمنين أو بعض الخدم أو غيرهم ممن يسكن في المنزل .
13) العثور بحوزة المدمن أو في سيارته على المادة المخدرة ، أو بقايا تعاطي المادة .
وهذه العلامة من أقوى العلامات ، ولهذا لا بد أن يكون لدى الأب أوالام أوالمربي معرفةٌ بصفات المواد المخدرة ، أو على الأقل الموادِ الموجودةِ في البلاد .
والحقيقة المرة ، أنه من خلال عدة محاضرات ولقاءات مع الإخوة المربين في المدارس ، لاحظت أن كثيراً من المدرسين ومدراءِ المدارس يجهلون صفات المواد المخدرة المتداولة بين الشباب .
التقيت مرة بأحد مدراء المدارس ، وقال لي : أريد منك أن تأتيني لأن عندي في الدرج أشياء وجدتها مع بعض الطلاب .
ومرة اتصلت علي إحدى الأمهات وأخبرتني أنها وجدت شيئاً في حقيبة ولدها ، توجهت إلى تلك المرأة ، فإذا بالذي في حقيبة ولدها قطعٌ من الحشيش المخدر .
وحتى تتم الفائدة ، لعلي أذكر نبذة سريعة عن أوصاف أهم المواد المخدرة التي دخلت هذه البلاد ، وهي الحشيش ، والهيروين ، وحبوب الكبتاجون .
أما الحشيش فهو عبارة عن مادة صلبة لينة كهيئة الصلصال ، (هذا في الغالب وقد تكون أحياناً جافة) ، ويغطى الحشيش بالقماش الأبيض ، أو يقطع إلى قطعٍ صغيرة تغطى بورق السيلوفان أو البلاستيك الشفاف الأحمر .
والحشيش له رائحة قوية ومميزة ، ويتراوح لونه ما بين البني الفاتح إلى الأسود ، وأكثر الكميات المضبوطة لونها بني غامق .
وأما الهيروين فهو عبارة عن مسحوق ناعم يشبه الطحين ، وله عدة ألوان . منها : الأبيض ، والأبيض المصفر ، والبني الفاتح أوالغامق ، وأحياناً الرمادي .
ويتداول الهيروين بين المتعاطين في أكياس بلاستيكية صغيرة ، أما إذا كان كمية قليلة فإن المدمن يقوم بوضعها في ورقة مثنية من عدة جوانب ( حتى لا يسقط المسحوق من الورقة) ، ويسميها المدمنون (طقة) .
وأما حبوب الكبتاجون المنبهة فهي عبارة عن قرص محفور على أحد وجهيه قوسان متقابلان ( ولهذا يسميه الشباب أبو ملف ، ملف شقرا ، أبو داب ، أبو قوسين) ، أما الوجه الآخر من القرص فمحفور عليه خط واحد مستقيم ، ويتفاوت لون القرص ما بين الأبيض أو الأبيض المصفر أو المائل للبني .
ولا يلزم وجود علامة القوسين في جميع الأحوال ، فقد وجد مؤخراً كمياتٌ لا تحمل هذه العلامة .
14) العثور بحوزته أو في سيارته على أدوات غريبة ، مثل : ورق لف سجائر ، ملعقة محروقة ، إبرة ، مطاط ضاغط ، قصديرة ، وغير ذلك .
15) وجود آثار حروق على جسمه و ملابسه .
فعدم اتزان المدمن ، وضعف تحكمه بحركاته ، قد يتسبب في إصابته بالحروق المختلفة ، بل إنه قد لا يشعر أصلاً بالحريق بسبب فقدان الشعور ، فتقع الكارثة ، ويحرق المدمن نفسه وهو لا يشعر .
16) انبعاث رائحة المسكر أو المخدر من فم المدمن أو جسمه أو غرفته أو متعلقاته الشخصية .
وهذه العلامة من العلامات الشرعية لثبوت حد المسكر عند بعض الفقهاء كالإمام مالك وهي رواية عن أحمد اختارها ابن تيمية ، وذلك بأن تشم من فمه رائحة الخمر، أو يتقيؤها من جوفه .
17) انتشار مواضع الحقن في جسمه ، أو وجود آثار الحـقن أو بقع الدم على ملابسه .
وغالباً ما تكون مواضع الحقن سوداء أو متقيحة نتيجة لطريقة الحقن غير الصحية ، ولهذا تنتشر الأمراض الفتاكة كالإيدز وغيره بين مدمني المخدرات .
ونتيجة لهذه العلامة ، يحرص المدمن على عدم الظهور أمام الناس عاري الذراعين أو الجسد لإخفاء هذه الآثار .
هذه أيها الإخوة بعض العلامات والأعراض التي يمكن من خلالها أن نكتشف المدمن ، وهي مهمة جداً لكل من يتعامل مع المدمن .
فإذا كنتِ أماً ، أو كنتَ أباً أو أخاً فباستطاعتك أن تلاحظَ ما يظهر على الشخص من هذه الأعراض ، وتدركَ الخطر قبل أن يستفحل .
وإذا كنت مدرساً أو مرشداً اجتماعياً فهذه العلامات تعطيك مؤشراً على أن الطالب الذي تحت رعايتك في خطر .
وإذا كنت مسئولاً في إدارتك أو مؤسستك فإن هذا الأمر يعطيك دلالة على أن هذا الموظف قد يكون مدمناً على تعاطي المخدرات .
بعد هذا العرض ، ونحن في آخر المحاضرة ، نطرح هذا السؤال .
يقول السائل : بعد ظهور علامات المدمنين على أخي الكبير أخذت أراقبه ، فوجدت عنده بعض القطع ، واكتشفت أنه مدمن على المخدرات . نصحته ، هددته فلم ينته ، وقال إنه لا يستطع تركها وأصبح حالنا يرثى لها في البيت فما الخطوات التي أتخذها معه؟.
هذا سؤال هام جداً يكثر طرحه : إذا تم اكتشاف المدمن فما هو الواجب علينا تجاه هذا الإنسان ؟
الإدمان ظاهرة مرضية عارضة خاضعة للعلاج ، وعلى هذا يجب أن نتذكر دائماً أن مدمن المخدرات مريض ، وهو في حاجة إلى الرعاية والاهتمام حتى يستجيب الى علاج الادمان النفسى والجسدى.
اترك تعليقاً