المفهوم الفارماكولوجي للمخدرات
من جهة ثم تفسير العلاقة بين الخصائص الفارماكولوجية للمخدر وزيادة الجرعة و بالتالي الاحساس بتنمية ما يسمي بخاصية التحمل.1 – يتكوّن دماغ الانسان من آلاف الملايين من الخلايا العصبية وهذه الخلايا العصبية تشبه في شكلها الأصابع ولكنها دقيقة جدّا لا ترى إلا تحت المجهر وهي تنقل النبضات العصبية على هيئة تيار كهربائي من جزء معيّن من المخ إلى جزء آخر.
ويتمّ الاتّصال بين هذه الخلايا عبر فجوات أو ممسات عن طريق جزيئات كيميائية تعرف باسم المرسلات العصبية وعندما تثبت هذه المواد عبر الممسات تحمل معها رسالتها العصبية فترسل إشارة من جديد إلى الخلية المجاورة وهكذا تنتقل الاشارات …
وتمكن العلماء حتّى الآن من اكتشاف أكثر من عشرين مادّة كيميائية مختلفة من هذه المرسلات العصبية، ولكلّ منها تركيب فريد يمكن تشبيهه بمفاتيح مختلفة كل “مفتاح” له مكان خاص أشبه “بالقفل” يستقبل عليه، ولا يصلح له غير كمركز استقبال.ولقد تضاربت آراء المهتمين بكيفية تأثير هذا العقار على الدماغ ويحاول كل منهم أن يدعم رأيه بالبرهان والتجربة، فيقول البعض أنّ هذه العقاقير توقف مرور التيارات العصبية عبر خلايا الدماغ بتأثيرها المباشر على واحد أو أكثر من المرسلات العصبية ممّا يجعل الانسان يشعر بحالة اللاوعي وعدم الادراك بما يدور من حوله.
عادة ما يكون مؤقتا ويزول بزوالها، كما يعتقد العلماء أن كمية المرسلات العصبيّة الموجودة في الدماغ وبقيّة أجزاء الجسم لها علاقة وثيقة بسلوك الأفراد، فحينما يفرز الدماغ “أو الجهاز العصبي ككلّ” أكثر من اللاّزم من هذه المواد الكيميائيّة تبدأ المشكلات السلوكية في الظهور.فالاكتئاب الشديد مثلا يمكن أن يعزى إلى هبوط غير عادي في مستوى مرسلات عصبية معينة اسمها “أحادية الأمنيات” وهذا الهبوط قد تعزى أسبابه إلى زيادة نشاط ضميرة “مونو أمين أوكستيال” التي تسبب تحلله وتدميره .
والمخدرات والعقاقير المهلوسة قد تتداخل بطريقة أو بأخرى في تفاصيل هذه العملية بحيث في النهاية تحاكى عمل المرسلات العصبية وتلتصق بالخلايا العصبية مزيلة بذلك حالات الاكتئاب.
ونود أن نؤكّد أن مثل هذه العقاقير تتفاوت في درجة تأثيرها بين الأفراد، بحيث تختلف من شخص لآخر حسب بنيته الجسمية والشخصية ومكوناتها والرغبات الكامنة.
2- اما فيما يخص العلاقة بين الخصائص الفارماكولوجية للمخدرات وزيادة الجرعة فيمكن تلخيصها في النظريات الاتية:
* نظرية التغير الكيميائي :
ومؤداها أنّ احتمال المخدّر ينشأ من زيادة هدم وافراز المورفين في الجسم، حيث يرى بعض الفارماكولوجيين أنّ المورفين الموجود في الجسم يتحوّل إلى مادة أخرى لها تأثيراتها المعارضة لتأثيرات المورفين عند استخدام المخدّر من ثمّة تنشأ الحاجة إلى المزيد من المخدرات بسبب قلّة وتضاؤل نسبة المورفين الطبيعي في الجسم.
* نظرية الفعل المزدوج للأفيون :
ومؤداها أنّ هذا المخدر ذو تأثير انهباطي وآخر تهيّجي في نفس الوقت على الجهاز العصبي، أي أنّه مهيّج ومهبّط لأجزاء مختلفة من الجهاز العصبي في آن واحد – ولمّا كان التاثير التهيجي هو الذى يبقى ويستمر – لذلك استنتج الفارما كولوجيون أنّه مع تقدم الانسان تزداد التأثيرات المهيّجة والتي تتعارض مع الفعل الانهباطي للمورفين ومن ثمّة ينشأ الاحتمال وزيادة الجرعة.
* نظرية احتمال الخلايا :
ومؤداها كما يرى الباحثون انّ المورفين يحدث تغيرا مستمرا في خلايا الجسم الذي يجعله أكثر حساسيّة للتأثيرات المهيجة للمورفين وأكثر مقاومة للتأثيرات الانهباطية، وعلى هذا تحتاج الخلايا مزيدا من المورفين لتقليل حالة الإثارة والتهيّج واعادة الحالة إلى درجة نسبيّة من التوازن.
اترك تعليقاً